الأعداد السابقة
المجلد :2 العدد : 1 1974
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
الحضارة وقضية التقدم والتخلف
المؤلف : محمد ربيع
إن عملية التقدم عملية مركبة ومعقدة تشارك فيها مختلف الأنظمة التي تعمل في المجتمع ، تؤثر فيها وتتأثر بها . وينتقل المجتمع من خلالها من واقع حياتي معين إلى واقع حياتي جديد أكثر انفتاحا على العلم وأقوى على توفير مختلف متطلبات الإنسان الحياتية . ولما كانت متطلبات حياة الإنسان ورفاهيته قد تطورت على مر العصور ، فإن مقاييس التقدم والتخلف في عصرنا هذا امتزجت بعضها مع بعض لتصوغ لنا مقاييس جديدة نتاج تجربة الغرب الحضارية على مدى القرنين الأخيرين من عمر الإنسانية . ولما كان تحقيق الأهداف المعنوية يرتبط ارتباطا قويا ومباشرا بتحقيق الأهداف المادية ، فإن عملية تحقيق الأهداف أي عملية التقدم ذاتها ، تصبح عملية واحدة ذات شقين متلازمين ، أحدهما معنوي والآخر مادي . ولما كانت المقاييس المعنوية للتقدم والتخلف لاتخضع لعمليات الحساب والتقييم الدقيقة وأنها بطبيعتها معايير نسبية ، فقد أصبحت المقاييس المادية أكثر أهمية وأقوى تعبيرا عن مدى التقدم أو التخلف الذي يتحقق لشعب من الشعوب . ولهذا يلاحظ أن المقاييس المادية للتقدم والتخلف في هذا العصر لم تحتل المكانة التي كانت تشغلها المقايس المعنوية في العهود الغابرة فحسب ، بل أنها احتوت في داخلها كل ما عداها من مقاييس أخرى ، لتصبح وحدها التجسيد الحقيقي للتقدم والتخلف بشقيه المادي والمعنوي معا .