الأعداد السابقة

تسبب غزو العراق للكويت في إختلالات عميقة في الاقتصاد الكويتي عامة ، وفي قطاعي صناعة النفط والصناعة التحويلية بشكل خاص . ونتجت الخسائر الكبيرة في هذين القطاعين لأنهما يتميزان عن غيرهما من القطاعات الاقتصادية بكثافتهما الرأسمالية العالمية ، وقيمة أصولها الثابتة الهائلة ، وكذلك مخزوناتهما الكبيرة الحجم .

وقد تعرضت كميات كبيرة من المعدات والآليات الثقيلة ، ومخزون المواد الخام وقطع الغيار والمنتجات نصف المصنعة والنهائية في هذين القطاعين إلى السرقة ، كما أحرقت أو دمرت معدات الورش الصناعية ، والأثاث المكتبي والوثائق والسجلات في عدد كبير من المنشآت الكبيرة الحجم والمتوسطة والصغيرة . وقد بذلت جهود متواضعة بعد طرد القوات الغازية ، لتقدير الخسائر التي تعرض لها هذا القطاع . وتمثل هذه الدراسة محاولة إضافية في هذا الاتجاه . وهي تهدف بشكل أساسي إلى المقارنة بين الوضع الراهن للقطاع الصناعي مع وضع هذا القطاع عشية الغزو الذي تعرضت له البلاد .

ويعرض الجزء الأول من الورقة مسحا للجهود السابقة في هذا المجال ، بينما يبين الجزء الثاني منها نتائج المسح الميداني الذي قام به الباحث لوضع القطاع الصناعي بعد عامين من أغسطس 1990م . وقد أظهرت نتائج الدراسة الميدانية ارتفاعا ملموسا في أسعار المنتجات المصنوعة نتيجة للزيادة في تكاليف المدخلات وأعباء إعادة بناء وهيكلة المنشآت الصناعية .

ونتيجة لثلاثة عوامل في جهة الطلب هي : الانكماش الاقتصادي ، وانخفاض عدد السكان ، وتزايد حدة المنافسة ، تراجعت مبيعات المنشآت الصناعية بمعدلات حادة . وبينما سجل العدد الكلي للعمالة تراجعا كبيرا ، سجلت نسبة العمالة الكويتية زيادات ملحوظة في العديد من الصناعات .

كما شهدت الإنتاجية الجزئية للعمل ، مقاسة بمعدل الناتج الحقيقي إلى العمل ، زيادة ملموسة بلغ متوسطها نحو 20% . ومن جانب آخر تبين أن التراجع في معدلات استغلال الطاقات الإنتاجية إزداد حدة مقارنة بالفترة السابقة على عام 1990م ، بينما زادت مقدرة المنتجات المستوردة إلى السوق المحلية على منافسة المنتجات الوطنية .