الأعداد السابقة
السنة :9 العدد : 35 1989
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
مظاهر سيادة الدولة على مياه البحار والمحيطات
DOI :
المؤلف : طه بن عثمان الفراء ، حسب الرسول الشيخ الفزاري
تمثل مسألة المطالبة بالسيطرة على مياه البحار والمحيطات منذ زمن بعيد – موضع خلاف وجدل بين الدول. ولقد شهدت نهاية مرحلة العصور الوسطى بسط نفوذ كل من أسبانيا والبرتغال على مساحات شاسعة من المحيطات والبحار المعروفة، مانعة غيرها من استخدامها، وذلك في ظل المفهوم القديم للبحار المغلقة. ولكن ازدياد نفوذ وسطوة دول أخرى ذات سيادة أدى فيما بعد إلى سيادة فكرة حرية الملاحة أو البحار المفتوحة للجميع. ومن المشاهد في وقتنا الحاضر أن مجال قانون البحار قد تعرض لتغييرات جذرية وشاملة أكثر من أي مجال آخر في دنيا القانون الدولي.
وتقسم البحار – وفقاً للاتفاقيات الدولية. وفي ضوء حقوق سيادة الدول عليها- إلى نطاقات مختلفة. هي: المياه الداخلية، البحر الإقليمي، المنطقة المجاورة، المنطقة الاقتصادية الخالصة، وأعالي البحار. ويهدف هذا البحث إلى التعرف على مدى السلطة التي تمارسها الدولة ذات الشأن ومقدارها على كل من هذه النطاقات. ومن المعروف أن امتداد أي من هذه النطاقات، باستثناء نطاق المياه الداخلية، يقاس باتجاه عرض البحر بدءاً من خط القاعدة. ويتكون خط القاعدة من واحد أو أكثر من الخطوط الهندسية التي تحدد مداخل كل من الخلجان أو الفيوردات، ومصبات الأنهار، والخطوط الأخرى التي ترسم بمحاذاة الساحل لتكون الحد الفاصل بين المياه الداخلية والبحر الإقليمي. وتتمتع كل من الدول الساحلية بالحرية الكاملة في تحديد موقع خط القاعدة الخاص بها، ولها مطلق السيادة على مياهها الداخلية.
ويتكون البحر الإقليمي من نطاق مائي متصل محاذٍ للشاطئ، بموازاة خط القاعدة. ويقاس بامتداد هذا النطاق انطلاقاً من خط القاعدة باتجاه عرض البحر. ولكل دولة الحق في اتخاذ قرارها بشأن عرض بحرها الإقليمي إلى مسافة لا تزيد على اثني عشر ميلاً بحرياً.
وعلى الرغم من أن الدول البحرية تتمتع بسلطات كاملة على بحارها الإقليمية، فإنها ما تزال مقيدة في ممارسة تلك السلطات ببعض الأمور مثل احترام حق المرور البرىء لسفن الدول الأخرى عبر تلك البحار.
ويعمل نطاق المنطقة المجاورة كمنطقة هدابية للبحر الإقليمي، وتيسر له الحماية ضد أي معتدٍ. وكثيراً ما تشمل سيادة الدولة البحرية على المنطقة المجاورة الخاصة بها حقوق السيطرة اللازمة لمنع أي انتهاك لأنظمتها الخاصة بالجمارك والهجرة، ومراعاة الأصول الصحية، والأمور المالية. ويجب أن نذكر هنا أن هذا النطاق يتطابق ويتداخل مع جانب المنطقة الاقتصادية الخالصة المقابل للشاطئ.
ويتاخم البحر الإقليمي المنطقة الاقتصادية الخالصة. وتتمتع الدولة البحرية في هذا النطاق بحقوق اكتشاف الثروات الطبيعة والتنقيب عنها واستغلالها، ويشمل ذلك الثروتين السمكية والمعدنية، وتوليد الطاقة من حركة الأمواج والرياح ، والقيام بالأبحاث العلمية، وإقامة الجزر الصناعية والمنشآت، والحفاظ على البيئة البحرية.
وتحدد نطاقات سيادة الدولة على قيعان بحارها، وما يتصل بها من تربة وما تحتها، بدءا من تطابق خط القاعدة عليها، باتجاه عرض البحر.
ويجدر بنا أن نشير في الخاتمة، إلى أن الحقوق المشار إليها سابقا، التي تتمتع بها الدول البحرية، لا تعني حرمان الدول الأخرى من ممارستها لحرية استخدام أعالي البحار في الملاحة والطيران وتمديد (الكابلات) البحرية وخطوط الأنابيب.