الأعداد السابقة
السنة :10 العدد : 38 1990
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
التقسيم الإداري في مصر زمن المماليك الأتراك
DOI :
المؤلف : حياة ناصر الحجي
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على حقبة مهمة من حقب التاريخ المملوكي، وبالتحديد في زمن المماليك الأتراك في مصر، من خلال التقسيمات الإدارية التي كانت موجودة في ذلك الوقت، لما لتلك التقسيمات وما يتبعها من توزيع الإقطاعيات بين السلطان والأمراء والأجناد من أهمية سياسية كبيرة إلى جانب أهميتها الاقتصادية والعسكرية.
وتشير المصادر المختلفة إلى أن أرض مصر كانت مقسمة قبل العصر المملوكي إلى ثلاثة أقسام رئيسة، تشمل خمسة وخمسين إقليما (كورة). وقد طرأت على هذا التقسيم تغييرات جذرية من خلال عمليات المسح الشاملة للأراضي وإعادة توزيعها، والتي يعرفها التاريخ باسمي (الروك الحسامي) و (الروك الناصري).
ويناقش البحث – تفصيلا – هذين النظامين، مبينا الأهداف التي كان يتوخاها كل من السلطان المنصور حسام الدين لاجين المنصوري والسلطان الناصر محمد بن قلاوون من وراء وضعهما لهذين النظامين، مشيرا إلى أن هدفهما الرئيس واحد، وهو تقليص القوة الاقتصادية وما يترتب عليها من ثقل سياسي للأمراء المماليك.
ويذهب البحث إلى أن الاختلاف بين النظامين يكمن في الأسلوب، إذ عمل المنصور حسام الدين لاجين المنصوري على تحقيق ذلك بأسلوب مباشر، فأثار حقد الأمراء، على حين اتبع الناصر محمد بن قلاوون أسلوبا غير مباشر فأثار حيرتهم التي حسمها بشخصيته القوية، ونفاذ كلمته.
ويتطرق البحث تفصيلا إلى استمرار نظام ذلك التقسيم الإداري المملوكي في مصر لفترة تزيد على قرنين ونصف القرن استطاع خلالها السلاطين المماليك استخدام أسلوب اقتصادي لتحقيق أهداف سياسية، ومنهج إداري واجتماعي لتحقيق مآرب شخصية. ويبين البحث أنه لا يمكن القول إن الروك كان مشروعا اقتصاديا أو إداريا فقط، فقد تمخضت عن إتمامه أهداف سياسية وعسكرية، لم تغب عن أنظار المؤرخين المعاصرين.
ويشير البحث إلى أنه لم يكن هناك تعارض بين عمليتي التقسيم الإداري وتوزيع الإقطاعات، وذلك لما يلاحظ من استمرار تلك التقسيمات لفترة طويلة، على حين كان توزيع الإقطاعات في تغيير مستمر، حتى إن ارتبط ارتباطا وثيقا باعتلاء سلطان جديد كرسي السلطنة، أو تحول زمام الأمور إلى أحد كبار الأمراء المماليك. ومن أجل ذلك يمكن القول بأنه إذا كان التقسيم الإداري لمصر ومن المماليك يضمن بين ملامحه الطابع الإسلامي من الناحية الاقتصادية، والصيغة الأوروبية الوسيطة من الناحية الإدارية والاجتماعية، فإنه يحمل صفة مملوكية بحتة من الناحية السياسية والعسكرية.