الأعداد السابقة
السنة :36 العدد : 144 2018
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
رؤى جديدة حول البعثات لبلاد بونت خلال العصر الفرعوني.
المؤلف : السيد أحمد محمد محفوظ
(بونت) اسم جغرافي ورد في كثير من النصوص المصرية القديمة، وكانت مقصد العديد من البعثات التي خرجت من وادي النيل، وهي مشكلة بحثية شغلت أذهان المتخصصين في علم دراسة الحضارة المصرية القديمة (المصريات) منذ ولادة هذا العلم في مطلع القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا: ما هي ؟ أين تقع؟ كيف وصل إليها المصريون؟ وما طريقهم؟ ومرجع أهمية (بونت) كونها مصدر مجموعة من السلع المهمة وغير المتوافرة في البيئة المحلية المصرية، أبرزها البخور، هذه السلعة الإستراتجية الضرورية لممارسة طقوسهم الدينية والجنائزية. استمر النقاش سجالاً ومجرد نظريات بين العلماء حتى بداية سبعينيات القرن الماضي؛ حيث ظهرت دراسات وحفائر أثرية غيرت مسار الجدل العلمي في هذا الشأن؛ فبدأ الأمر بظهور دراسة حول (بونت) للباحث الألماني (هيرتزوج) معتمداً على دراسات متعمقة لمنظر بيئة (بونت) المحلية في مناظر معبد الدير البحري ومقارنتها بمعطيات علوم النبات (فلورا) والحيوان (فونا) القديمة، وخرج منها أن (بونت) تقع عند منطقة النيل الأبيض، وأن المصريين كانوا يصلون لها عن طريق نهر النيل فقط. أحدثت هذه الدراسة جدلاً كبيراً في صفوف المتخصصين بين قبول ورفض؛ حتى خرجت نتائج بعثة آثرية قادها عبد المنعم عبد الحليم سيد على ساحل البحر الأحمر، تمثلت في الكشف عن نقوش وبقايا ميناء فرعوني يعود للدولة الوسطى الفرعونية هو ميناء وادي جواسيس. أشارت نصوص هذا الموقع إلى ارتباط مؤكد مع (بونت) بما يعني استخدام البحر الأحمر وليس النيل طريقاً للوصول إليها وقد أكملت بعثة إيطالية – أمريكية الحفائر في الموقع في الفترة من 2002 وحتى 2010 مؤكدة النتائج السابقة ومضيفة سلسلة من البعثات طوال الأسرة الثانية عشرة الفرعونية. أخيراً، خرج الفرنسي (ميكس) بدراسة مفصلة في 2002 حول الموضوع نفسه، مؤكداً البحر الأحمر كان الطريق للوصول إلى بونت، وإن رجح أن تكون هي شبه الجزيرة العربية في عودة لنظرية عديد من العلماء السابقين عليه. هذه الورقة البحثية تستعرض في جزئها الأول مصادر البحث في هذه المشكلة التاريخية مرتبة ترتيباً تاريخياً، ثم تحاول افتراض تصور ورؤية جديدة في ضوء نتائج الحفائر الآثرية الحديثة.