الأعداد السابقة
السنة :35 العدد : 137 2017
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
الإرهاصات الحداثية في ديوان "الجداول" لإيليا أبي ماضي.Heading
DOI : 10.34120/0117-035-137-003
المؤلف : نايف خالد العجلوني
بتأثير من أعلام "الرابطة القلمية"، قدمت تجربة أبي ماضي الشعرية، في مرحلة نضجه وتطوره من الأسلوب التقليدي إلى الأسلوب الجديد، نموذجاً لحداثة عربية معتدلة يتمازج فيها الماضي والحاضر، الأصيل والمعاصر، العربي والغربي. ويعدّ هذا النموذج مثالاً لخط التواصل المستمر في حركة الشعر العربي الحديث من الاتجاه الرومنسي إلى حركة "الشعر الحر". ويقدم ديوانه الثالث "الجداول" نموذجاً ينطوي على البذور الأولى التي أرهصت لهذه الحركة. فقد تجسدت، في كثير من قصائده، رؤى ومواقف فكرية تختلف عن الفكر التقليدي السائد في علاقة الإنسان بالعالم، وتميل إلى "نسبية" الحقيقة في إطار المعرفة الإنسانية، وتهيمن عليها هواجس الحيرة والشك والقلق الوجودي. ولعل مثل هذه الإرهاصات، في الرؤيا والموقف واللهجة، أصبحت أكثر بروزاً في شعر الحداثة العربية التالية لمرحلة الرومنسية العربية. ولكن إنجازات تجربة أبي ماضي الشعرية لم تقف عند حدود هذه الإرهاصات المتعلقة بالمضامين الشعرية وحدها، بل توازت معها ما قدمته هذه التجربة على مستوى تجديد الأدوات الشعرية والقيم الجمالية المحايثة لتلك المضامين والرؤى بما يضمن التحام عناصر الشكل والمضمون في العمل الشعري التحاماً تاماً. لقد تجسدت نظرته التحررية إلى الإنسان والحياة والعالم في نسيج لغوي معاصر، إضافة إلى بناء إيقاعي متدفق يتناغم مع سائر عناصر النص الشعري. بكلمات موجزة يمكن القول إن تجربة أبي ماضي الشعرية تؤكد قدرة الحداثة المعتدلة على الاستجابة لدواعي التحول الاجتماعي والثقافي والأدبي، وعلى التمهيد لحداثة أخرى لاحقة.